اســتـــراحــة الـمحــارب

استراحة عقلية و فكرية لمحارب.. فى دنيا الله .. يبحث عن الحكمة ..

من أنا

صورتي
رحالة فى دنيا الله .. من أرض الى أرض .. اسمع و انصت ... و اعقل ..لعلى اعتبر أبحث عن الحكمة .. فأين أجدها؟

زوار الاستراحة

المتابعون

ابحث فى الاستراحة

بحث مخصص


مهارة إدارة الخلافات

كان الخلاف على تنوعه طبيعة من طبائع البشر منذ القديم، وقصة ابني آدم عليه السلام دليل على أن الخلاف قد يوقع الحقد والضغينة حتى بين الأخوين من أب واحد، وحتى في المجتمعات التي كانت قريبة من الوحي الإلهي كمجتمع الصحابة حدث خلاف بين أفرادها كاد أن يفضي لقتال، يقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين. واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون).

وفيما يل سنحاول إيجاز بعض من صفات الخلاف التي يتميز بها أي خلاف عادة:

1- يتطلب الخلاف على الأقل جهتين: فلا يمكن أن يحدث خلاف بين الإنسان ونفسه إلا في الحالات المرضية الغير سوية.

2- ينشأ الخلاف بين الجهتين بسبب وجود أهداف يعتقد كلا الطرفين أنها هي الأصح: هذه الأهداف قد تكون نتيجة لحقائق موضوعية، أو قيم فردية، أو حتى وجهات نظر.
3- لا بد إذا أن يكون للجهتين المختلفتين قيم، أو وجهات نظر مختلفة أيضا، وتتعارض فيما يبدو وجهات وقيمه كل جهة مع الأخرى أو أن كلا الجهتين يصعب إفهام أو فهم وجهات نظرهم أو قيمهم وأهدافهم.

4- ينتمي الخلاف عندما ترضى الجهات المشتركة إما بربح أو خسارة: وهذا ما يحصل غالبا إلا إذا شاء الطرفان أن يستمر الخلاف إلى الأبد.

أحوال الخلاف:

طبيعة الخلافات من أي نوع أنها لا تثبت على حال معين بل تتغير بشكل مستمر إما إلى الأحسن أو إلى الأسوأ، وفيما يلي نعرض لأحوال الخلاف:

الخلاف الخفي:وهو مصدر الخلاف ومنه ينشأ وأسبابه عديدة: فالغيرة والحسد والخوف على الرزق … إلخ إلا أنه ينحصر في نوعين: خلاف خفي بسبب الرغبة في الاستقلال بالمسؤولية أو بسبب الرغبة في الاستقلال بالموارد وخصوصا عندما تكون شحيحة والأخير يسميه بعض الكتاب "بنزاع الحصص" وغالبا لا يتعدى الخلاف الخفي المشاعر الداخلية الناتجة عن عدم الرضى في المعاملة.
الخلاف الملاحظ: ويحدث حينما يدرك أحد الأطراف الداخلة في النزاع الخلاف الخفي لدى الطرف الآخر وينشأ من أجله خلاف محسوس.

الخلاف المحسوس: والفرق بينه وبين سابقه هو كما الفرق بين رؤية الشيء والشعور به. وفي هذه المرحلة من الخلاف يمكن لطرف ثالث لم يدخل في الخلاف أن يلاحظ أن هناك نزاع بين أطراف الخلاف وعادة ما يمكن البدء في حل الخلاف من هذه المرحلة قبل أن يستفحل الأمر إلى المرحلة التي تليه وهي مرحلة:

الخلاف الجلي: أو الظاهر، وهو الذي منه تظهر آثار الخلاف جلية إما بمشاعر متبادلة أو بأقوال حادة أو حتى بأعمال لا مسؤولة.

سياسات حل الخلاف:

يمكن أن نختار من خمس سياسات لحل الخلاف من أي نوع: الانسحاب أو التنازل، التهدئة أو التلطيف، التسوية أو الحل الوسط، الإكراه أو استخدام النفوذ، أو الطرق التكاملية وفي نقاشنا لهذه الطرق سنستخدم نموذجا طور بواسطة عالمي الإدارة:

1 – سياسة الانسحاب:
وتجمع بين اهتمام قليل جدا بالنتائج واهتمام قليل جدا بالعلاقة مع الناس فالشخص المنسحب أو الهروبي شخص يرى الخلاف الذي نشأ هو خبرة لا نفع منها، وبالتالي فإن أحسن شيء هو الانسحاب من مصدر الخلاف – أنه مستعد لأن يذعن حتى يتلافى عدم التوافق أو التوتر، ولن يشارك أيضا في حل نزاع بين الآخرين. الهروبي يعمد إلى أن يغير موضوع الحديث بسرعة عندما يحس بأن هناك بداية لخلاف وقد يتغاضى عن ملاحظات أو نقد. طريقة أخرى بأن يرمي المسؤولية على فرد أكبر منه درجة أو قد يغفل أمر الخلاف على الأقل أن ينسى الطرف الآخر. وهذه السياسة إن كانت ناجحة في بعض حالات الخلاف إلا أنها تغفل أن أسباب الخلاف لا زالت قائمة واجتناب الخلاف لن يجعلها تختفي.

2 – سياسة الإكراه:

وهي سياسة للذين يهتمون بالنتائج أو المهمة التي هم بصددها ولا يلقون بالا للعلاقات مع الناس الآخرين أبدا. والأفراد الذين ينتهجون هذه السياسة يحرصون في أي خلاف أن يخرجوا منتصرين مهما كلفهم ذلك، وتؤثر هذه السياسة على ألفاظهم وتصرفاتهم بينما تحل هذه السياسة الخلافات بشكل سريع فإنها تؤثر على الأهداف بعيدة المدى وعلى إنتاجية الأفراد ما دام أن هناك طرفا واحدا سيستمتع بالانتصار.

3 – سياسة التهدئة:

والأفراد الذين ينتهجون هذه السياسة يحاولون جهدا أن يتعاملوا مع الخلاف بجعل أطرافه راضية وسعيدة. فهم يهتمون بالعلاقة مع الناس إلى درجة كبيرة حتى لو تصادمت مع مصالحهم وواجباتهم. الأفراد من هذا الطراز يرون أن التحدي والمجابهة مدمرة، ولذا فهم عند بدء الخلاف يعمدون إلى أن يكسروا حاجز التوتر بطرفة أو بكوب من القهوة أو بأي نشاط اجتماعي كإقامة حفلة. وبالرغم من أن هؤلاء يقيمون علاقات ودية مع جميع الأفراد إلا أن سياستهم قد لا تفيد دائما وخصوصا في حالات الخلاف القوي.

4 – سياسة التسوية :

أو إمساك العصا من المنتصف، وهي سياسة وسط بين التهدئة والإكراه. وهذه السياسة تشعر الأطراف في أي نزاع أنهم رابحون لأول وهلة مع أنهم في حقيقة الأمر خاسرون، لأن هذه السياسة تعطي بعض الكسب لكلا الطرفين بدلا من نصر من جانب واحد، ولذا تعد هذه السياسة في معظم الخلافات سياسة مرضية.
فيما سبق من سياسات ليس ضروريا أن ينتهجها أطراف النزاع أنفسهم، بل يمكن أن يقوم بفض النزاع طرف ثالث من خارج أطراف النزاع.

5 – سياسة التكامل :

أو سياسة الأطراف الرابحة، وهي سياسة تمثل قمة النجاح والفعالية لحل الخلافات إلا أنها تتطلب مهارة إدارية واتصالية عالية المستوى. وهي طريقة مشتركة لحل المشاكل يلزم لجميع الأطراف افتراض وجود حل ما وبالتالي هم يجهدون لهزيمة المشكلة لا أنفسهم. وحتى تنجح هذه السياسة بشكل فعال لا بد من توفر أربعة مسلمات لدى الشخص الذي بصدد تطبيقها.

أولا: لا بد من التيقن أن التعاون أفضل من التنافس وقد يكون اختلاف الآراء جزءا هاما من عملية التعاون. الآراء المختلفة قد تؤدي إلى التبصر والإبداع ما دام ذلك لا يعيق تقدم المجموعة في عملها ولذا فلا بد من أن نوقن أن آراء الآخرين قد تكون مفيدة.

ثانيا: عامل الثقة مهم في هذه السياسة. فالأطراف التي يتوفر فيها عامل الثقة لن تخفي أو تحرف أي معلومات مفيدة لحل الخلاف، كما لن يخافوا من قول الحقائق أو الأفكار التي يرونها تعبر بصراحة عما يريدون بالرغم من أنه يصعب الشعور (شعور الثقة) في حالات الخلاف إلا أن وجوده لدى طرف يعزز وجوده لدى الطرف الآخر.

ثالثا: لا بد من تقليل حالات التباين بين الأطراف المختلفة. التباين في القوة أو المستويات والتي قد تسبب في فصل أو تمايز الأطراف، فالطرف ذو القوة والجاه قد يغريه ذلك باللجوء لقوته تبريرا لعدم قبوله رأي أو حل ما.

رابعا: هو أن يوقن كل طرف في الخلاف بوجود حل له فإذا لم يتوفر هذا الشرط أو لم يوقن أحد الأطراف باحتمالية وجود حل فإن العملية تنقلب إلى خاسر ورابح بدلا من رابح ورابح. وليس يعني ذلك أن على الأطراف أن تتوافق في الأهداف، إنما يصل كل طرف لأهدافه بالطريقة المقبولة. فلا بد من التأكد من هذه المسلمة وإلا فإن عملية حل النزاع تصبح مضيعة للوقت.

تطبيق سياسة الأطراف الرابحة: هناك خطوات معينة لنصل إلى نتائج أفضل فيما يخص تطبيق هذه السياسة:

1- راجع ونظم الأحوال التي مر بها الخلاف: هل هو خلاف خفي، أم ملاحظ، محسوس، أم جلي.

2- ادرس وعدل الملاحظات: هل هناك خلاف حقيقي؟ يلزمنا أن ندرس ملاحظاتنا عن الآخرين ومن ثم نقوم بتعديل وتصحيح هذه الملاحظات فقد نوفر على أنفسنا عناء كبيرا إذا كان الخلاف مجرد لبس في الملاحظة أو الانطباع.

3- ادرس المواقف: فلا يمكن الحكم على المواقف نفسها حتى نتبين من نتائجها. ويصدق ذلك على المشاعر، لذا كان لزاما علينا أن نحدد وعلى وجه الدقة مواقف ومشاعر الأطراف المتنازعة وكما ذكرنا سابقا فإن هذه السياسة تعتمد بشكل أساسي على الثقة والمشاركة وتغيير المواقف أمر يصعب من جهة خارجية فإذا لم يكن ذلك ممكنا من داخل الطرف نفسه فإنه يمكن البدء بالمشاكل سهلة الحل أولا. فإذا حلت هذه فإن موقفا إيجابيا قد يتطور من داخل ذلك الطرف يسهل كثيرا من حل المشاكل الأكثر تعقيدا.

4- حدد المشكلة: وذلك قبل أن تناقش الحل لإن هناك نوعا من التداخل بين المشكلة نفسها وحلولها لذا لا بد أن نفصل محاولات تحديد المشكلة عن قائمة الحلول. ويمكن تحديد المشكلة بأسلوب رسم الأهداف التي يريدها كلا الطرفين بشرط أن تكتب بصيغة جماعية بدلا من أن تكون أوليات فردية.

5- ابحث بشكل مشترك عن البدائل: يتوجب على كل الأطراف إيجاد حلول ممكنة لا واحدا فقط، لذا كان مهما توفر بيئة اتصال جيدة، حتى يتمكن كل طرف أن يعرض ما يراه مناسبا للحل، فكلما زادت الثقة والانفتاحية كلما كان الوصول للحل النهائي أكثر احتمالا.

6- قيم البدائل ثم أعط الحلول النهائية: وازن بين البدائل الموجودة أمامك، وألغ ما ليس بمناسب خلوصا إلى الحل (أو الحلول إذا لزم الأمر) النهائي.




وفيما يلي نورد مهارات يلزم من توفرها للأطراف التي تريد انتهاج سياسة الأطراف الرابحة:
1- استخدم مصطلحات حيادية لا عاطفية. < أنا لا زلت أميل لتفضيل أسلوبي > أحسن من < فكرتك حقيقة تبدو ركيكة >.

2- تحاشى الجمل التي لا تترك مجالا للتعديل. < أنا أعتقد أن هذه هي الطريقة … > أفضل من < هذه هي الطريقة الوحيدة… >.

3- اسأل أسئلة مفتوحة حتى يمكن الآخرون عرض وجهات نظرهم.

4- تحاشى الأسئلة التي تسوق الآخرين للموافقة لفظيا مع أنهم في قرارة أنفسهم غير موافقين. < هل تشك في أن … ((الغناء، أو التدخين مثلا)) محرم >.

5- كرر الكلمات والجمل المهمة حتى يتأكد لك أن كلا الطرفين يتحدثون على نفس الموجة.

6- استخدم مصطلحات مفهومة من كل الأطراف وتحاشى المصطلحات التي تحمل معاني مغايرة وتجنب الأسلوب المتقعر في الحديث.

7- اسمح للآخرين بإكمال جملهم ولا تسمح لأحد بمقاطعة أحد.

8- طبق مهارات فن الإصغاء الفعال السابق ذكرها.

9- واجه الأطراف وجها لوجه. وقلل ما أمكن حل الخلاف عن طريق التلفون أو الكتابة.

10- كن واعيا لأهمية البيئة المكانية في حل الخلاف، فلن تستطيع أن تصل إلى حل لخلاف وأنت تقود سيارتك أو أثناء وجودك في المصعد أو حتى في المقهى. حاول أن تجد المكان الملائم ووفر فيه ما يجعل الحل ميسورا.

الموضوع مدخل لسلسة عن مداخل الدعوة و الحوار فى الاسلام.

3 تعليقات

  1. عصفور المدينة  

    قرأت واستفدت
    وربما أعيد قراءتها مرة أخرى إن شاء الله
    بخصوص اشتراطك للمواجهة وليس عن طريق التليفون أو النت مررت بتجربة شبيهة وكان الحل عن طريق النت وكان يمكنني أن أقابل بعض الأطراف فتجنبت ذلك طوال عام حتى يكون الأطراف على قدم المساواة
    المشلكة أيضا أن أحيانا يكون بعض أطراف الخلاف واعيا من أساليب حل الخلافات ويلعب عليها

    ثانيا غلبة الهوى والتشبث وعدم الرغبة الحقيقية في أي حل وسط في الحل

    ثالثا وهذه مشكلة كبيرة انعدام الأدب في كثير من الأحيان والشطط

    رابعا خروج الأطراف كثيرا عن لب المشكلة وتفريعها إلى مشاكل أخرى وربما شخصية

    كل هذا يحتاج إلى مهارات خاصة فعلا وجميلة هذه الصياغة
    أحسن الله إليك

  2. قنديل  

    أخي المحارب
    كلامك سلس وجميل لكن الداء عظيم.. لقد أصبحنا نعيش في زمان عجيب حيث أعجب كل ذي رأي برأيه ولم يعد هناك مجال لنقاش أو حوار حتي عندما نتحاور يتحول الأمر إلي عراك يكاد يصل إلي
    تشابك بالأيدي


    نعم بكل تأكيد نحتاج لمهارة إدارة الخلافات لكن قبل ذلك نحتاج أن نغير من ثقافة " رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأيك خطأ يحتمل الصواب" لماذا لا تكون
    "رأيي ورأيك ربما خطأأو صواب"


    أشكرك ومع خالص إحتراماتي

  3. محمد عبد الغفار  

    انت كاتب الكلام ده عشان الناس تتبعه ولا تخالفه

إرسال تعليق