التأصيل الشرعى للعمل السياسى
سلسلة مقالات
دراسة بقلم د/ على بطيخ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، وبعد..
التأصيل الشرعى للعمل السياسى يعنى الحديث عن الأصول فى الكتاب والسنة والمصادر الأخرى المستقاة منهما التى نجد فيها حديثا عن السياسة...
وبتعبير آخر نجيب على تساؤل: هل فى الإسلام سياسة؟ أم أنه لا سياسة فى الدين ولا دين فى السياسة كما ادعى البعض؟.
ويتناول أيضا الحكم الفقهى لممارسة أعمال السياسة المختلفة.. أى ما حكم هذا العمل ؟ هل هو واجب أم مندوب أم مباح أم مكروه، أو حرام؟
وقد أصبحت هذه القضايا مطروحة بقوة فى عصرنا هذا حيث تتنامى المطالبة بإصلاح المجتمع على هدى من نظام الإسلام والشريعة الإسلامية.
وهذه قضايا مطولة وتحتاج إلى مراجع وبحوث ضخمة .. لكننا سوف نعتمد أسلوب الإيجاز – غير المخل – ونترك لمن أراد مزيدا من التوسع أن يرجع إلى المصادر المرجعية.. ونسأل الله تعالى التوفيق والهداية إلى الصواب.
معنى السياسة
1) يقول د/ يوسف القرضاوى(1):
(يشمل فقه السياسة الشرعية علاقة الفرد بالدولة أو علاقة الحاكم بالمحكوم أو الراعى بالرعية أو السلطة بالشعب)
(وقد تناوله فقهاؤنا على اختلاف مذاهبهم واتجاهاتهم ضمن أبواب الفقه العام، كما تناولوه فى كتب متخصصة مثل : الأحكام السلطانية للماوردى، والأحكام السلطانية لأبى يعلى الحنبلى، وغياث الأمم لإمام الحرمين الجوينى، والسياسة الشرعية فى إصلاح الراعى والرعية، لابن تيمية, والطرق الحكمية لابن القيم .. وغيرهم.. وحديثا: كتابات الشيخ محمد عبده، والشيخ رشيد رضا ، وكتاب: الخلافة للدكتور عبد الرزاق السنهورى.. وغيرها الكثير).
ويقول أيضا:
وللسياسة عند علمائنا القدامى معنيان:
أحدهما: المعنى العام: وهو تدبير أمور الناس وشئون دنياهم بشرائع الدين.
والثانى: المعنى الخاص: وهو ما يراه الإمام أو يصدره من الأحكام والقرارات زجرا عن فساد واقع أو وقاية من فساد متوقع أو علاجا لوضع خاص.
معنى السياسة فى اللغة:
السوس: الرياسة.. يقال ساسوهم سوسا: أى ترأسوا عليهم.
ويقال: ساس الأمر سياسة: أى قام به.
وفى الحديث الشريف: (كانت بنو إسرائيل تسوسهم أنبياؤهم)(1) متفق عليه .
أى تتولى أمورهم كما يفعل الولاة بالرعية.
والسياسة: القيام على شئ بما يصلحه.
والسياسة الشرعية: هى السياسة القائمة على قواعد الشرع وأحكامه.
هل فى الإسلام سياسة؟
الإجابة: نعم
والأدلة على أن فى الإسلام سياسة نوعان:
الأول: الأدلة التى تثبت أن الإسلام دين شامل ينتظم شئون الحياة جميعها، فإذا أثبتنا هذا فنحن نثبت – بالتبعية – كل جزئية فى هذا الشمول: سياسة.. اقتصاد.. تعليم.. إعلام .. الشئون الاجتماعية.. الأسرة...الخ.
والثانى : الأدلة التى تدل على كل عمل وشأن من شئون السياسة: الدولة.. الحكم.. الشورى.. الإنتخابات ..الأحزاب.. المعارضة...الخ.
شمول المنهج الإسلامى
يشمل المنهج الإسلامى والتشريع الإسلامى كل مناحى الحياة دنيوية وأخروية: العبادات.. الأخلاق .. المعاملات.. الشريعة والقانون، والدولة ونظام الحكم.
حكم إقامة نظام الإسلام بشموله:
قبل أن نتكلم على هذا الحكم، نذكر مختصرا للأحكام التكليفية الخمسة (عند الأئمة الثلاثة غير أبى حنيفة):
1- الواجب: هو ما يثاب فاعله ويأثم تاركه- أى أن تارك الواجب عمدا عليه إثم وعقوبة فى الدنيا أو فى الآخرة.. أمثلة الواجب: الصلاة والزكاة والصيام والصدق والأمانة وبر الوالدين....الخ.
والواجب هو الفرض، عند الأئمة الثلاثة.
2- المندوب: هو ما يثاب فاعله ولا يأثم تاركه، كصلاة السنة أو صيام التطوع، ويسمى المندوب عند الفقهاء: السنَّة، ويطلق عليه أحيانا: النفل والرغيبة والمستحب، والتطوع.
3- المباح : هو ما يستوى فيه الفعل والترك، مثل الخروج أو البقاء فى المسجد بعد الصلاة.
4- المكروه: هو ما يثاب تاركه ، ولا يأثم فاعله، مثل تأخير صلاة العصر إلى وقت الكراهة.
5- الحرام : هو ما يثاب تاركه، ويأثم فاعله: وأمثلته كثيرة : تك الصلاة والصيام والفرائض عموما، وفعل المحرمات مثل القتل والسرقة والكذب، وغيرها.
تطبيق الإسلام شاملا فى كل مناحى الحياة فرض وواجب:
يجب على المسلمين أخذ الإسلام بشموله، ولا يجوز لهم ترك جزء من المنهج الإسلامى أو عدم تطبيق المنهج على ناحية من نواحى الحياة.
الأدلة على وجوب أخذ الإسلام بشموله:
1- قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا ادخلوا فى السلم " ، فهذا أمر من الله تعالى للمسلمين أن يدخلوا فى الإسلام كله، والأمر فى القرآن والسنة يدل على الوجوب ما لم يصرفه دليل آخر إلى الندب.
2- قوله تعالى فى سورة البقرة أيضا" أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض، فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خِزى فى الحياة الدنيا ويوم القيامة يُرَدُّون إلى أشد العذاب".
3- قوله تعالى: "واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك". المائدة 49
4- قوله تعالى: "ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ " النحل89
قال ابن مسعود رضى الله عنه: قد بين لنا فى القرآن كل علم وكل شئ،.. وقال مجاهد: كل حلال وكل حرام.. وقال ابن كثير: فإن القرآن اشتمل على كل علم نافع ، وما الناس محتاجون إليه فى أمر دينهم ودنياهم ومعاشهم.
5- قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إنه لن يقوم بهذا الدين إلا من حاطه من جميع جوانبه)
رواه أبو نعيم والحاكم والبيهقى.. وهذا فى حواره صلى الله عليه وسلم مع قبيلة بنى شيبان، وهو يدعوهم إلى أن يحملوه – أى يدافعوا عنه لكى يبلغ دعوة ربه.
6- بنود بيعة العقبة:
عن جابر رضى الله عنه قال: فقلنا علام نبايعك؟ قال: (على السمع والطاعة فى النشاط والكسل ، وعلى النفقة فى العسر واليسر وعلى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وعلى أن تقوموا فى الله لا تأخذكم فى الله لومة لائم ، وعلى أن تنصرونى إذا قدمت إليكم وتمنعونى مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ، .. ولكم الجنة) رواه أحمد بإسناد حسن وصححه الحاكم وابن حبان.
تـعليـق: إن بند السمع والطاعة فقط يعنى الخضوع التام للرسول صلى الله عليه وسلم وللرسالة والتشريع وتنفيذ كل الواجبات.
ونكتفى بهذا القدر من الأدلة فهى كثيرة.
سلسلة مقالات
دراسة بقلم د/ على بطيخ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، وبعد..
التأصيل الشرعى للعمل السياسى يعنى الحديث عن الأصول فى الكتاب والسنة والمصادر الأخرى المستقاة منهما التى نجد فيها حديثا عن السياسة...
وبتعبير آخر نجيب على تساؤل: هل فى الإسلام سياسة؟ أم أنه لا سياسة فى الدين ولا دين فى السياسة كما ادعى البعض؟.
ويتناول أيضا الحكم الفقهى لممارسة أعمال السياسة المختلفة.. أى ما حكم هذا العمل ؟ هل هو واجب أم مندوب أم مباح أم مكروه، أو حرام؟
وقد أصبحت هذه القضايا مطروحة بقوة فى عصرنا هذا حيث تتنامى المطالبة بإصلاح المجتمع على هدى من نظام الإسلام والشريعة الإسلامية.
وهذه قضايا مطولة وتحتاج إلى مراجع وبحوث ضخمة .. لكننا سوف نعتمد أسلوب الإيجاز – غير المخل – ونترك لمن أراد مزيدا من التوسع أن يرجع إلى المصادر المرجعية.. ونسأل الله تعالى التوفيق والهداية إلى الصواب.
معنى السياسة
1) يقول د/ يوسف القرضاوى(1):
(يشمل فقه السياسة الشرعية علاقة الفرد بالدولة أو علاقة الحاكم بالمحكوم أو الراعى بالرعية أو السلطة بالشعب)
(وقد تناوله فقهاؤنا على اختلاف مذاهبهم واتجاهاتهم ضمن أبواب الفقه العام، كما تناولوه فى كتب متخصصة مثل : الأحكام السلطانية للماوردى، والأحكام السلطانية لأبى يعلى الحنبلى، وغياث الأمم لإمام الحرمين الجوينى، والسياسة الشرعية فى إصلاح الراعى والرعية، لابن تيمية, والطرق الحكمية لابن القيم .. وغيرهم.. وحديثا: كتابات الشيخ محمد عبده، والشيخ رشيد رضا ، وكتاب: الخلافة للدكتور عبد الرزاق السنهورى.. وغيرها الكثير).
ويقول أيضا:
وللسياسة عند علمائنا القدامى معنيان:
أحدهما: المعنى العام: وهو تدبير أمور الناس وشئون دنياهم بشرائع الدين.
والثانى: المعنى الخاص: وهو ما يراه الإمام أو يصدره من الأحكام والقرارات زجرا عن فساد واقع أو وقاية من فساد متوقع أو علاجا لوضع خاص.
معنى السياسة فى اللغة:
السوس: الرياسة.. يقال ساسوهم سوسا: أى ترأسوا عليهم.
ويقال: ساس الأمر سياسة: أى قام به.
وفى الحديث الشريف: (كانت بنو إسرائيل تسوسهم أنبياؤهم)(1) متفق عليه .
أى تتولى أمورهم كما يفعل الولاة بالرعية.
والسياسة: القيام على شئ بما يصلحه.
والسياسة الشرعية: هى السياسة القائمة على قواعد الشرع وأحكامه.
هل فى الإسلام سياسة؟
الإجابة: نعم
والأدلة على أن فى الإسلام سياسة نوعان:
الأول: الأدلة التى تثبت أن الإسلام دين شامل ينتظم شئون الحياة جميعها، فإذا أثبتنا هذا فنحن نثبت – بالتبعية – كل جزئية فى هذا الشمول: سياسة.. اقتصاد.. تعليم.. إعلام .. الشئون الاجتماعية.. الأسرة...الخ.
والثانى : الأدلة التى تدل على كل عمل وشأن من شئون السياسة: الدولة.. الحكم.. الشورى.. الإنتخابات ..الأحزاب.. المعارضة...الخ.
شمول المنهج الإسلامى
يشمل المنهج الإسلامى والتشريع الإسلامى كل مناحى الحياة دنيوية وأخروية: العبادات.. الأخلاق .. المعاملات.. الشريعة والقانون، والدولة ونظام الحكم.
حكم إقامة نظام الإسلام بشموله:
قبل أن نتكلم على هذا الحكم، نذكر مختصرا للأحكام التكليفية الخمسة (عند الأئمة الثلاثة غير أبى حنيفة):
1- الواجب: هو ما يثاب فاعله ويأثم تاركه- أى أن تارك الواجب عمدا عليه إثم وعقوبة فى الدنيا أو فى الآخرة.. أمثلة الواجب: الصلاة والزكاة والصيام والصدق والأمانة وبر الوالدين....الخ.
والواجب هو الفرض، عند الأئمة الثلاثة.
2- المندوب: هو ما يثاب فاعله ولا يأثم تاركه، كصلاة السنة أو صيام التطوع، ويسمى المندوب عند الفقهاء: السنَّة، ويطلق عليه أحيانا: النفل والرغيبة والمستحب، والتطوع.
3- المباح : هو ما يستوى فيه الفعل والترك، مثل الخروج أو البقاء فى المسجد بعد الصلاة.
4- المكروه: هو ما يثاب تاركه ، ولا يأثم فاعله، مثل تأخير صلاة العصر إلى وقت الكراهة.
5- الحرام : هو ما يثاب تاركه، ويأثم فاعله: وأمثلته كثيرة : تك الصلاة والصيام والفرائض عموما، وفعل المحرمات مثل القتل والسرقة والكذب، وغيرها.
تطبيق الإسلام شاملا فى كل مناحى الحياة فرض وواجب:
يجب على المسلمين أخذ الإسلام بشموله، ولا يجوز لهم ترك جزء من المنهج الإسلامى أو عدم تطبيق المنهج على ناحية من نواحى الحياة.
الأدلة على وجوب أخذ الإسلام بشموله:
1- قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا ادخلوا فى السلم " ، فهذا أمر من الله تعالى للمسلمين أن يدخلوا فى الإسلام كله، والأمر فى القرآن والسنة يدل على الوجوب ما لم يصرفه دليل آخر إلى الندب.
2- قوله تعالى فى سورة البقرة أيضا" أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض، فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خِزى فى الحياة الدنيا ويوم القيامة يُرَدُّون إلى أشد العذاب".
3- قوله تعالى: "واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك". المائدة 49
4- قوله تعالى: "ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ " النحل89
قال ابن مسعود رضى الله عنه: قد بين لنا فى القرآن كل علم وكل شئ،.. وقال مجاهد: كل حلال وكل حرام.. وقال ابن كثير: فإن القرآن اشتمل على كل علم نافع ، وما الناس محتاجون إليه فى أمر دينهم ودنياهم ومعاشهم.
5- قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إنه لن يقوم بهذا الدين إلا من حاطه من جميع جوانبه)
رواه أبو نعيم والحاكم والبيهقى.. وهذا فى حواره صلى الله عليه وسلم مع قبيلة بنى شيبان، وهو يدعوهم إلى أن يحملوه – أى يدافعوا عنه لكى يبلغ دعوة ربه.
6- بنود بيعة العقبة:
عن جابر رضى الله عنه قال: فقلنا علام نبايعك؟ قال: (على السمع والطاعة فى النشاط والكسل ، وعلى النفقة فى العسر واليسر وعلى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وعلى أن تقوموا فى الله لا تأخذكم فى الله لومة لائم ، وعلى أن تنصرونى إذا قدمت إليكم وتمنعونى مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ، .. ولكم الجنة) رواه أحمد بإسناد حسن وصححه الحاكم وابن حبان.
تـعليـق: إن بند السمع والطاعة فقط يعنى الخضوع التام للرسول صلى الله عليه وسلم وللرسالة والتشريع وتنفيذ كل الواجبات.
ونكتفى بهذا القدر من الأدلة فهى كثيرة.
الثلاثاء, يوليو 03, 2007
بارك الله في الكاتب وفيك
وفي انتظار التفصيل الشرعي للعمل السياسي
الأربعاء, يوليو 04, 2007
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخى الحبيب جزاك الله كل خير على الطرح الطيب
وكما ذكرت فالدين الإسلامى دين الشموليه و يجب تطبيقه بمعناه الشامل دون تخصيص منه جزء دون الأخر
فمن الناس من يمتنع عن العمل السياسى فى وقتنا هذا بل يصل بيه الأمر الى تحريمة بحجة ان الحكم غير قائم على حدود الله ونسوا قاعدة المصالح و المفاسد
وانا فى الإنتظار ايضا
جزاك الله كل خير
السلام عليكم
السبت, يوليو 07, 2007
بجد ربنا يكرم حضرتك
انا مش عارفه اقول لحضرتك ايه حاسه ان كل حاجة محتاجة اعرفها خلاص حضرتك بتتيجها كده من غير ما اسال
سبحان الله
ربنا يكرم حضرتك ويدخر لك الثواب ويرزقك الاخلاص في العمل والقول
اللهم امين
السبت, يوليو 21, 2007
شمولية الاسلام
ليس هناك شيء اسمه الاسلام السياسي
ليس هناك شيء اسمه الاسلام الليبرالي
كلها مسميات جوفاء قاصرة
الاسلام رسالة شاملة كاملة
شاملة لنظام حياة كامل
عبادة وعمل
دنيا واخرة
جزاك الله كل خير
تحياتي