من نعادي؟؟
قال تعالى : { لتجدن أشد عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين
آمنوا الذين قالوا إنا نصارى .. } [ المائدة:82 ]
والفهم الخاطئ في الآيات يتمثل - عمليا - في موالاتنا لليهود , وصداقتنا لهم ومسالمتنا لهم , مع أن الله عز وجل بين أنهم أشد الناس عداوة للذين آمنوا , وأن عداوتهم أشد من عداوة المشركين ويتمثل - نظريا وعمليا - في موالاة النصارى , بزعم أنهم يودوننا ويحبوننا , وأنهم قريبون لنا . بدليل { ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ..} فهم أبنا عمومتنا , وهم يحبوننا , فيجب أن نبادلهم حباً بحب , ومودة بمودة , وقرباٌ بقرب !!
هذا وكم تستغل هذه الآية الكريمة , عند الحديث عن الوحدة الوطنية , والبعد عن الفتنة والطائفية , ولذلك تجد من المسلمين من يحب النصارى , عمـلاً بهذه الآية , وقد نسيّ مبدأ البراء بين المسلمين والكفار !! .
والحق يقال : إن هذة الآية الكريمة لا تعني ما ذهبوا إليه على الأطلاق , لأن محبة الكافرين كفر , ولأن الركون إليهم , وائتمانهم ومداهنتهم ونحو ذلك من الموالاة التي حرمها الله تعالى , كما قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين } .[المائدة : 51 ]
وقال تعالى : { ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى } . [ البقرة : 120 ] . وقال أيضا : { يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين }. [ آل عمران : 100].
وقال كذلك : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون * ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور * إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصيبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط *} [ آل عمران :120-118 ] .
وكذا قال ربنا :
{ أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فرق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ماعقلوه وهم يعلمون * وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ... } [ البقرة 75-76 ].
وقال الله تعالى : { الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبنائهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون }
[ البقرة: 146 ] .
وقال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين } [المائدة :57] .
كما قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفرعلى الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون } . [التوبة:23] .
وكذلك قال تعالى : { لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فيس
من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير } .[آل عمران:28] .
كما قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا أن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين } .
[ المجادلة:22 ].
وبناء على هذه الآيات ونحوها - التي جاءت في قضية الولاء والبراء - يتبين لنا أن اتخاذ أعداء الله أولياء - الذي يعني أتخاذهم أنصارا ومؤيدين- مع التقرب إليهم , وإظهار الود لهم , واتباع أهوائهم , وطاعتهم فيما يأمرون ويشيرون به والركون إليهم ومداهنتهم ومجاملتهم على حساب الدين , واتخاذهم بطانة من دون المؤمنين , ومعاونتهم على ظلمهم ونصرتهم , والتشبه بهم في العقائد والعادات , والأخذ بقوانينهم ومناهجهم في حكم الأمة وتربية أبنائها , واتخاذهم بطانة وحاشية , أو حبهم والتودد لهم , كل ذلك يكون كفرا وردة عن الدين بصريح القرآن
{يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين } .[المائدة : 51 ].
فكيف يتفق مع كل الآيات السابقة أن يقال إن قوله تعالى : {ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى .. } , بأنها تأمر بأخوتهم ومحبتهم والتقرب منهم ؟!! إن المسلم لابد أ يحدد موقفه من أعداء الله وأعداء دينه من الكفار والمشركين والمرتدين , وكما عليه أن يعلن عن الألتزام بالأسلام كله وعن البراءة من الكافرين , التي هي ركن ركين من الدين , وجزء من عقيدة الإسلام لا يقبل الظنون فهي لاتحتمل الخلاف حولها أو الفصل فيها " فماذا بعد الحق إلا الضلال " فكيف بمحبة الكافرين ومودتهم ؟ وهل الدين إلا الحب والبغض ؟ إن المسلم يجب أن يتبرأ من الكافرين , ولكن - للعلم - يستثنى من البراءة هذه ولا ينقصها أمور منها : اللين عند عرض الدعوة , أو حل الزواج بكتابية وأكل ذبيحة الكتابي أو المجاملة والإحسان والدعاء لهم بالهداية , أو الإهداء لهم , وقبول هداياهم , أوعيادة مرضاهم , أو التصدق عليهم والإحسان لهم , ويمكن إجمال هذه المعاني في قوله تعالى
: { لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا
إليهم إن الله يحب المقسطين * إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون }[ الممتحنة :9,8 ].
وهذا الكلام عن مفهوم البراء والولاء , شرحة يطول.
فأعود للآية بعد الوقفة الأولى حول معناها الإجمالي بين الآيات الت ذكرناها لننظر إليها على حده فنجد أن الآية الكريمة - والتي تليها - تحدثنا عن قوم أسلموا من النصارى . ذكرأنها نزلت في "النجاشي" ومن أسلم معه من الأحبار والرهبان وسياق الآيات يدل على ذلك , لما بينها وبين مواقف "جعفر بن أبي طالب " وأصحابه , ومن النجاشي وبطانته , في ذهاب" عمرو بن العاص " إليه لإحضار المسلمين من الحبشة كما حكته كتب السيرة من توافق كبير جدا , وكدت أجزم بذلك لولا شبهة واحدة , وهي أن الآية مدنية كما أن سورة المائدة مدنية , وإسلام النجاشي وموقف جعفر كان قبل الهجرة ... وإن كان لايمنع نزول ذكر الحديث متأخراً , كما في آيات الهجرة التي نزلت بعد غزوة تبوك {إلا تنصروة فقد نصره الله ..}.
وأياً ما كان الأمر : نزلت في النجاشي أو غيره , فالشاهد أنها نزلت في قوم من النصارى عرفوا الحق , ولم يستكبروا على اتباعه , ولم يأنفوا على الدخول فيه , بل انقادوا للحق - وهم أهل علم وعبادة- فآمنوا -يعني لم يبقوا على نصرانيتهم- ودعوا الله أن يدخلهم مع القوم الصالحين , فترتب على ذلك دخولهم الجنات التي حرمها الله على الكافرين , كما قال : { وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين * بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوفا عليهم ولا هم يحزنون *} [ البقرة:111,112] .
فالجنة حرام إلا على أهل الأسلام , وهاؤلاء من أهلها فكيف هم إذا ؟ نصارى نحبهم لأنهم يحبوننا كما زعموا ؟ كلا بل هم الذين قال الله عنهم {وأن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم ... } .[ آل عمران : 199].
وهذا الصنف هم الذين قال فيهم : { الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون * وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين * أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون * وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبغي الجاهلين } [القصص:55-52] .
وهنا قال : { ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون * وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين * وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين * فأثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين } [المائدة:82,85].
قال تعالى : { لتجدن أشد عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين
آمنوا الذين قالوا إنا نصارى .. } [ المائدة:82 ]
والفهم الخاطئ في الآيات يتمثل - عمليا - في موالاتنا لليهود , وصداقتنا لهم ومسالمتنا لهم , مع أن الله عز وجل بين أنهم أشد الناس عداوة للذين آمنوا , وأن عداوتهم أشد من عداوة المشركين ويتمثل - نظريا وعمليا - في موالاة النصارى , بزعم أنهم يودوننا ويحبوننا , وأنهم قريبون لنا . بدليل { ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ..} فهم أبنا عمومتنا , وهم يحبوننا , فيجب أن نبادلهم حباً بحب , ومودة بمودة , وقرباٌ بقرب !!
هذا وكم تستغل هذه الآية الكريمة , عند الحديث عن الوحدة الوطنية , والبعد عن الفتنة والطائفية , ولذلك تجد من المسلمين من يحب النصارى , عمـلاً بهذه الآية , وقد نسيّ مبدأ البراء بين المسلمين والكفار !! .
والحق يقال : إن هذة الآية الكريمة لا تعني ما ذهبوا إليه على الأطلاق , لأن محبة الكافرين كفر , ولأن الركون إليهم , وائتمانهم ومداهنتهم ونحو ذلك من الموالاة التي حرمها الله تعالى , كما قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين } .[المائدة : 51 ]
وقال تعالى : { ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى } . [ البقرة : 120 ] . وقال أيضا : { يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين }. [ آل عمران : 100].
وقال كذلك : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون * ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور * إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصيبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط *} [ آل عمران :120-118 ] .
وكذا قال ربنا :
{ أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فرق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ماعقلوه وهم يعلمون * وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ... } [ البقرة 75-76 ].
وقال الله تعالى : { الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبنائهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون }
[ البقرة: 146 ] .
وقال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين } [المائدة :57] .
كما قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفرعلى الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون } . [التوبة:23] .
وكذلك قال تعالى : { لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فيس
من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير } .[آل عمران:28] .
كما قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا أن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين } .
[ المجادلة:22 ].
وبناء على هذه الآيات ونحوها - التي جاءت في قضية الولاء والبراء - يتبين لنا أن اتخاذ أعداء الله أولياء - الذي يعني أتخاذهم أنصارا ومؤيدين- مع التقرب إليهم , وإظهار الود لهم , واتباع أهوائهم , وطاعتهم فيما يأمرون ويشيرون به والركون إليهم ومداهنتهم ومجاملتهم على حساب الدين , واتخاذهم بطانة من دون المؤمنين , ومعاونتهم على ظلمهم ونصرتهم , والتشبه بهم في العقائد والعادات , والأخذ بقوانينهم ومناهجهم في حكم الأمة وتربية أبنائها , واتخاذهم بطانة وحاشية , أو حبهم والتودد لهم , كل ذلك يكون كفرا وردة عن الدين بصريح القرآن
{يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين } .[المائدة : 51 ].
فكيف يتفق مع كل الآيات السابقة أن يقال إن قوله تعالى : {ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى .. } , بأنها تأمر بأخوتهم ومحبتهم والتقرب منهم ؟!! إن المسلم لابد أ يحدد موقفه من أعداء الله وأعداء دينه من الكفار والمشركين والمرتدين , وكما عليه أن يعلن عن الألتزام بالأسلام كله وعن البراءة من الكافرين , التي هي ركن ركين من الدين , وجزء من عقيدة الإسلام لا يقبل الظنون فهي لاتحتمل الخلاف حولها أو الفصل فيها " فماذا بعد الحق إلا الضلال " فكيف بمحبة الكافرين ومودتهم ؟ وهل الدين إلا الحب والبغض ؟ إن المسلم يجب أن يتبرأ من الكافرين , ولكن - للعلم - يستثنى من البراءة هذه ولا ينقصها أمور منها : اللين عند عرض الدعوة , أو حل الزواج بكتابية وأكل ذبيحة الكتابي أو المجاملة والإحسان والدعاء لهم بالهداية , أو الإهداء لهم , وقبول هداياهم , أوعيادة مرضاهم , أو التصدق عليهم والإحسان لهم , ويمكن إجمال هذه المعاني في قوله تعالى
: { لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا
إليهم إن الله يحب المقسطين * إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون }[ الممتحنة :9,8 ].
وهذا الكلام عن مفهوم البراء والولاء , شرحة يطول.
فأعود للآية بعد الوقفة الأولى حول معناها الإجمالي بين الآيات الت ذكرناها لننظر إليها على حده فنجد أن الآية الكريمة - والتي تليها - تحدثنا عن قوم أسلموا من النصارى . ذكرأنها نزلت في "النجاشي" ومن أسلم معه من الأحبار والرهبان وسياق الآيات يدل على ذلك , لما بينها وبين مواقف "جعفر بن أبي طالب " وأصحابه , ومن النجاشي وبطانته , في ذهاب" عمرو بن العاص " إليه لإحضار المسلمين من الحبشة كما حكته كتب السيرة من توافق كبير جدا , وكدت أجزم بذلك لولا شبهة واحدة , وهي أن الآية مدنية كما أن سورة المائدة مدنية , وإسلام النجاشي وموقف جعفر كان قبل الهجرة ... وإن كان لايمنع نزول ذكر الحديث متأخراً , كما في آيات الهجرة التي نزلت بعد غزوة تبوك {إلا تنصروة فقد نصره الله ..}.
وأياً ما كان الأمر : نزلت في النجاشي أو غيره , فالشاهد أنها نزلت في قوم من النصارى عرفوا الحق , ولم يستكبروا على اتباعه , ولم يأنفوا على الدخول فيه , بل انقادوا للحق - وهم أهل علم وعبادة- فآمنوا -يعني لم يبقوا على نصرانيتهم- ودعوا الله أن يدخلهم مع القوم الصالحين , فترتب على ذلك دخولهم الجنات التي حرمها الله على الكافرين , كما قال : { وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين * بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوفا عليهم ولا هم يحزنون *} [ البقرة:111,112] .
فالجنة حرام إلا على أهل الأسلام , وهاؤلاء من أهلها فكيف هم إذا ؟ نصارى نحبهم لأنهم يحبوننا كما زعموا ؟ كلا بل هم الذين قال الله عنهم {وأن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم ... } .[ آل عمران : 199].
وهذا الصنف هم الذين قال فيهم : { الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون * وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين * أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون * وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبغي الجاهلين } [القصص:55-52] .
وهنا قال : { ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون * وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين * وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين * فأثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين } [المائدة:82,85].